صدر يوم 22 ديسمبر 2012 كتابي الجديد الموسوم " ظاهرة التعاقب اللغوي في لغة الصحافة الرياضية (جريدة "الهداف" أنموذجا)"(لتحميل الكتاب، يُنظر صفحة التحميل في هذا الموقع) عن منشورات مخبر الممارسات اللغوية بالجزائر الكائن مقره بجامعة تيزي وزو، وبهذه المناسبة أشكر المخبر وعلى رأسه الأستاذ الدكتور صالح بلعيد على اهتمامه بعملي، وأتمنى للقارئ أن يجد إفادة ومتعة في قراءته. 

ملخص

     يحاول هذا البحث المتواضع تفسير ظاهرة التعاقب اللغويّ (والمقصود بها هو انتقال المتكلم من لغة إلى أخرى) في الجريدة الرياضيّة المسماة: "الهدّاف".

   وتكمن أهمية هذه الدراسة tفي جدّة موضوعها الذي لم يُدرس-على حد علمي- فإن كانت الصّحافة العامة قد تعرضت للدرس من جوانب متعددة، فإنّ الصّحافة المتخصصة، وأقصد الرياضيّة منها، لم تحظ حتى الآن بأية دراسة لسانية، بل حتى الدراسات ذات التوجه الصّحفيّ الإعلامي قليلة جدا، وذلك يعود إلى جدّة هذا النمط من الصّحافة، ونظرا لهذه الاعتبارات، يبدو لي أنّ هذا البحث من بين البحوث العربية الأولى في الميدان من جانب العيّنة ومن جانب دراسة ظاهرة التعاقب اللغويّ في عيّنة صّحفية رياضيّة -على حد علمي دائما-، وعلى مستوى آخر من الأهمية، أظن أنّ البحث في الصّحافة الرياضيّة سيساهم في شرح جملة من القضايا على رأسها مساعدة المهتمين بتعليمية اللغات في فهم بعض جوانب ضعف المستوى في المدارس الجزائرية (وربما العربية)، لأنّ أغلب قرّاء الصّحافة الرياضيّة من الفئات الشبانية التي ترتاد المدارس بمختلف مستوياتها.

     وعلى صعيد آخر، سينبئ هذا البحث عن الاستعمال الفعلي للغة العربية في ميدان متخصص جديد لم تعرفه إلا في العقود الأخيرة، والاهتمام بهذا الاستعمال سيُفسر لا محالة بعض مواطن القصور في اللغة من جهة، وسيحاول أن يشرح، من جهة أخرى، هذا التوجه العام للصّحافة الرياضيّة إلى استعمال إستراتيجية التعاقب اللغويّ بالخصوص، كما سيشكل ذلك لبنة في فهم الموضوع الأوسع وهو مسار انتقال مظاهر الاحتكاك اللغويّ من الشفوية إلى الكتابة – وأظن أنّ الكثير من الدارسين لهم فضل السبق في دراسة ظواهر الاحتكاك في مدوّنات مسرحية وصّحفية عامة وغالبا ما كان تركيزهم على التداخل والاقتراض اللغوييْن -عكس هذا البحث الذي يهتم بإستراتيجية التعاقب اللغويّ-.  

     وبعد أنْ استقر رأيي على المقاربة اللسانية الاجتماعية، وملاحظتي لورود ظاهرة التعاقب اللغويّ في هذه الجريدة، بدا لي من البداهة بمكان أنْ أتساءل عن سبب هذا التميُز في لغة الصّحافة الرياضيّة، فلاحظت أنّها لا تلتقي مع لغة الصّحافة العامة إلا في القليل من الخصائص، أمّا بؤر الاختلاف فكثيرة يلاحظها العام والخاص، وأظن أنّ القارئ البسيط سيتراءى له التعدد اللغويّ السائد في الصّحافة الرياضيّة، والاستخدام المكثف للغات، ومن هنا تأتى شرعية التساؤلات التي قد يطرحها القارئ والمحلل على حد سواء حول هذه اللغة، ومما شد انتباهي من تساؤلات ما يتصل بالتقدير الفعلي والحقيقي لورود هذه الظاهرة في هذا النوع من الصّحف، فهل هذه الظاهرة متواترة في الجريدة بشكل يمس بعربية الصّحيفة؟ أم أنّ هذا القول فيه تضخيم وتهويل فقط؟ وإن كان أمر تواتر الظاهرة صحيحا، فما هي وظائف هذه التنوعات العديدة التي تتسلل إلى النص العربي؟ وهل يمكن تفسير هذه الظاهرة تفسيرا لسانيا؟ وإن كان التفسير اللساني قاصرا، فهل من تفسير آخر يفي بالمقصود؟

   وبناءً على المعطيات والتساؤلات التي قدمتها، وبغية الإلمام بخبايا هذا الموضوع، تطرقت للنقاط التالية وفق خطة متدرجة على النحو التالي:

     بعد التقديم الضروري لكلّ بحث أكاديمي، عرضت في مدخل عام لكلّ البحث إلى وصف الوضعية اللغوية العامة للجزائر - والتي تقع في إطارها العيّنة التي سأدرسها- مع التركيز على المقاربات العلمية التي تصف الواقع اللغويّ المتعدد، والذي تُمَثل فيه ظاهرة التعاقب اللغويّ نتيجة من النتائج.

     أمّا بعد ذلك، فدخلت في صلب الموضوع، وهو ما ناقشته في بابين: الأول نظري قسمته إلى ثلاثة فصول، تعرضت في الفصل الأول منه إلى كلّ المعطيات المتعلقة بالصّحافة، وركزت فيه على الصّحافة الرياضيّة باعتبارها موضوع البحث، وحاولت في الفصل الثاني أن أقدم مسحا عاما لكلّ الوسائل العلمية التي أستعملتها، عرّفت فيه ظاهرة التعاقب اللغويّ، ووضحت بعض المفاهيم الأخرى المتعلقة بتحليل الظاهرة في المدوّنة كالفَرْق بين المنطوق والمكتوب... إلخ، أمّا الفصل الثالث، فتطرقت فيه إلى منهجيّة العمل، وهو الفصل الذي تعرضت فيه إلى تقديم المدوّنة وتحديدها، وكلّ الإجراءات التي ألتزمت بها في التعامل معها.

     بعد عرض الباب النظري، تفرغت إلى الجانب التطبيقي تطرقت فيه في مدخل وفصلين إلى تحليل العيّنة حيث كان المدخل محاولة مني لرصد استعمال إستراتيجية التعاقب اللغويّ رصدا كميا، وبعد ذلك في فصل أول، حللت المدوّنة تحليلا لسانيا، بالتركيز على بعض المظاهر اللغوية السائدة في المدوّنة مثل القوالب والمؤشرات وبعض الوظائف التي تؤديها التنوعات، وفي الأخير، حاولت تحليل المدوّنة تحليلا لسانيا اجتماعيا في فصل ثاني يتناول تحليل العوامل غير اللسانية المؤثرة في لغة الصّحيفة المدروسة.

     وختمت البحث بخاتمة تتعرض لأهم النتائج المتوصل إليها.

     اعتمدت على جملة من المصادر والمراجع ذات التوجه الإعلامي منها كتب أديب حضور، صالح بلعيد ... كما اعتمدت على مجموعة من المصادر ذات التوجه اللغويّ بكلّ فروعه من نحو ولسانيات اجتماعية وتداولية... أهمها هي كتب جون قابرز، كما استعملت كتب منهجية البحث وأهمها كتاب رشدي طعيمة والموسوم: "تحليل المحتوى".

أهم النتائج: وخلصتُ إلى أنّ استعمال إستراتيجية التعاقب اللغويّ في الجريدة التي درستها يعود إلى مؤثرات عديدة، لكلّ منها دور معين في حالات محددة، فقد لاحظت أنّ الموقف الانقباضي لعب دورا مهما في تفصّيح الجريدة، ولكن خصائص المتكلمين والمخاطبين والموضوع ساهمت في تسلل اللغات الأخرى، وفي تحليلي للعامل الحاسم -من خلال الاستبيان- توصلت إلى أنّ العوامل المؤثرة في لغة الجريدة و ورود ظاهرة التعاقب اللغويّ فيها كثيرة، لا يمكن معها للدارس تحديد عامل واحد له الدور الفيصل في إحداث التعاقب اللغويّ، ولكن رغم ذلك استخلصتُ أنّ انتماء جريدة "الهدّاف" إلى شبكة الصّحافة الرياضيّة له تأثيره الخاص، ويقع في تفاعل مع عوامل أخرى مثل استحسان القرّاء لإستراتيجية التعاقب اللغويّ، وتأثير لغة المستجوَبين في الصّحفيين، وعوامل أخرى أقل أهمية وتأثيرا في جنوح الصّحفيين إلى إستراتيجية التعاقب اللغويّ.

ملاحظة: يوجد على الغلاف الرابع (الغلاف الأخير للكتاب) كلمتين "شهادتين" تتحدثان عن الكتاب: الأولى للغوي والمترجم المعروف الدكتور محمد يحياتن رحمه الله، وربما يكون هذا النص آخر النصوص التي كتبها، وهي كلمة أعتز بها كثيرا، وكم تمنيت لو أنه مازال حيا لكي يراها؛ لكن الموت قد اختطفته، وما عسانا نقول إلا: "إنا لله وإنا إليه راجعون" وهناك كلمة أخرى للأستاذ حسين قارة الذي كان رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة البويرة، وله مني أيضا جزيل الشكر.

الكتاب متوفر على الرابط:

 

 https://ia601503.us.archive.org/29/items/20221129_20221129_1552/%D9%81%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D8%AA%20%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%8A.pdf